شجر الدر.سلطانة ديار مصر

دليل الموضوع

المقدمة

المرأة في العصر الملكي

شجر الدر جارية السلطان

شجر الدر وحروب الفرنجة

موقف توران شاه من زوجة أبيه شجر الدر

شجر الدر سلطانة ديار الإسلام

موقف الخليفة المستعصم من ولاية شجر الدر

موقف شجر الدر من رفض الخليفة المستعصم لحكمها

 النزاع بين شجر الدر وعز الدين أيبك

نهاية شجر الدر

المقدمة

حين نتحدث عن نساء حكمن مصر عبر عصورها  سرعان ما يرد إلى أذهاننا اسم أشهر نساء العصر الإسلامي شجر الدر.. سلطانة ديار الإسلام، تلك الجارية التي اعتلت عرش أهم دول العالم إبان فترة صعبة من تاريخها، سنتعرف في مقالنا هذا عن شجر الدر عن قرب.

 المرأة في العصر المملوكي

كان للمرأة في العصر المملوكي تأثير كبير على المسرح السياسي حيث لعبت دور مؤثر في كافة شئون الحكم لدرجة تصل إلى إدارة سياسية الدولة لما تتمتع به من قوة ونفوذ. 

وبمجرد أن تُذكر قوة الشخصيات النسائية في التاريخ المصري تُذكر شجر الدر التي وصفها  المؤرخين بقوة الشخصية في كتبهم فقالت أنها " صعبة الخلق قوية البأس"، وما منح شجر الدر شهرتها هو دورها المؤثر في مجرى الأحداث خلال الحرب بين المسلمين والصليبيين في المنصورة  إبان عهد زوجها الملك الصالح نجم الدين أيوب، حيث جنبت بذكائها وثبات موقفها جيش المسلمين الهزيمة على يد الفرنجة. 

شجر الدر جارية السلطان 

أشترى الملك الصالح نجم الدين أيوب في أحد الأيام في عهد أبيه جارية تركية ذات جمال آخاذ، ولم يكن يعرف أن تلك الجارية ستشاركه دربه الصعب وتقاسي معه المحن، بل وستُنجي ديار المسلمين وتعتلي العرش من بعده، وتكون بذلك أول سلاطين المماليك الترك معلنة عن قيام دولة المماليك العظيمة التي ستحكم لما يقرب من قرنين ونصف.

صارت شجر الدر بنت عبد الله زوجة السلطان وأم ولده خليل، وقد رافقته حين استولى على الشام، وصحبته هي وابنها عندما حبسه ملك الكرك الملك الناصر داوود، لم تفارق شجر الدر زوجها، فتوجهت معه  نحو مصر حينما صار سلطانا عليها، وحين كان يخرج السلطان للغزو والقتال كانت هي من تدير شئون البلاد بمنتهى الكفاءة.

 شجر الدر وحرب الفرنجة 

 اشتد المرض بالسلطان نجم الدين خلال فترة الصراع بين جيوش المسلمين والجيوش الصليبية، وكانت الحرب على أشدها، وفي إبان تلك الفترة العصيبة مات السلطان، وكان خبر موته كفيل  بأن يشق الصفوف ويهزم جيوش الإسلام قبل أن تدخل الحرب ، فتمكنت شجر الدر من الثبات أمام صدمة وفاة زوجها، فلم تبد ما يبديه النساء من حزن.

 تمكنت  شجر الدر من كتم خبر وفاة الملك وإخفاءه عن مسامع الجيش، وأعلنت لكل من يريد مقابلة الملك أنه مريض، كما كانت توقع على الأوراق بختم الملك نفسه، فحافظت على عرش السلطنة من أي مطامع  حين أرسلت في طلب ابن السلطان  ووريثه توران شاه والذي كان على حصن كيفا.

  موقف توران شاه من زوجة أبيه شجر الدر 

لم يشكر توران شاه لشجر الدر صنيعها وحمايتها للعرش، وإدارتها لشئون البلاد في فترة الحرب، بل هددها وأمرها بإعادة كل ما معها من جواهر وأموال، فخشيت شجر الدر من موقفه، وخاف مماليك السلطان على مكانتهم أيضا، فجمعت بينهم رغبة واحدة وهي التخلص من السلطان الجديد الذي قُتل على يد مماليك أبيه.

  شجر الدر.. سلطانة ديار الإسلام

شهد يوم الخميس الثاني من شهر صفر لعام ستمائة وثمانية وأربعين إعلان المماليك شجر الدر سلطانة ديار مصر ، وحازت على ما يحصل عليه السلاطين من شرعية وتقدير، فُخطب لها على منابر المساجد، وضُربت السكة باسمها، فُدون عليها " المستعصمية الصالحية ملكة المسلمين والدة الملك المنصور خليل أمير المؤمنين" وقد اكتسبت اسم المستعصمية نسبة إلى الخليفة المستعصم كي تكتسب شرعية لحكم البلاد.

أما على المراسيم فكانت علامتها " أم خليل"، وبُيعت شجر الدر على العرش من قبل القاضي تاج الدين بن بنت الأعز. 

موقف الخليفة المستعصم من ولاية شجر الدر 

" وأحفظ اللهم الجهة الصالحية، ملكة المسلمين عصمة الدنيا والدين ذات الحجاب الجليل والستر الجميل والدة المرحوم خليل"، كان ذلك الدعاء الذي يُردد على منابر مصر لشجر الدر بعد الانتهاء من الدعاء للخليفة، حيث حكمت شجر الدر البلاد لما يقرب من الثمانين يومًا، وكانت تُعامل فيهم كغيرها من الحكام. 

استمر هذا الحكم حتى علم الخليفة المستعصم بأمر تولي امرأة حكم مصر، فأرسل إلى أهل مصر قائلا: " أعلمونا إن كان ما بقى عندكم في مصر من الرجال من يصلح للسلطنة فنحن نرسل إليكم من يصلح لها، أما سمعتم في الحديث عن رسول الله -صل الله عليه وسلم- أنه قال: لا يصلح قوم ولوا أمرهم امرأة"، وكان هذا بمثابة اعتراض صريح من الخليفة على تولي شجر الدر.

  موقف شجر الدر من رفض الخليفة المستعصم لحكمها 

أبدت شجر الدر ذكاء وحسن تصرف في موقفها من رفض الخليفة، فحين سمعت قول المستعصم جمعت الأمراء والقضاء وقامت بخلع نفسها من حكم مصر حتى لا تقف ضد رغبة الخليفة والشعب، وفي الوقت ذاته تحكمت في مجرى الأحداث في البلاد، وفرضت سيطرتها على الحياة السياسية بتنازلها عن الحكم لزوجها الأمير عز الدين أيبك التركماني الذي أحكمت سيطرتها عليه وجعلته يطلق زوجته الأولى وأم ولده علي.

النزاع بين شجر الدر وعز الدين أيبك

بدأ النزاع يدب بين شجر الدر وعز الدين أيبك بحلول عام ستمائة وأربع وخمسين حين علمت أن عز الدين أيبك يريد أن يخطب بنت بدر الدين لؤلؤ صاحب الموصل، وعلى أثر خلافاتهما ترك عز الدين أيبك القلعة، وبعد مرور عدة أيام أرسلت إليه لاستراضاءه فعاد إلى القلعة وظن أن الوضع عاد إلى طبيعته بينهما، ولكن كانت شجر الدر قد بيتت النية للخلاص منه فكلفت خمسة من الخدم كي يقتلوه داخل الحمام، وقيل في قتله رواية أخرى أن شجر الدر اتفقت مع سنجر الجوهري مملوك الفارس أقطاي على قتله، وحينها ألزم الخدم بمعاونته ثم ضربته شجر الدر بالقبقاب إلى أن مات.

  نهاية شجر الدر  

احتمت شجر الدر بدار السلطنة هي ومن قتلوا أيبك خوفًا من انتقام المماليك المعزية إلى أن أُخرجت من دار السلطنة وحُبست في البرج الأحمر مع بعض الجواري، حتى قبض الأمير علي بن عز الدين أيبك عليها وقام بتسليمها إلى أمه، والتي قررت الأنتقام منها وقتلها بنفس الطريقة التي قتلت بها زوجها. 

قُتلت شجر الدر ضربًا بالنعال والقباقيب بفعل جواري أم علي، فسحبوها من قدمها وألقوا بها في خندق يقع إلى الخلف من القلعة، وظلت ملقاة لما يقرب من الثلاثة أيام دون أن تدفن.

وبذلك انتهت قصة شجر الدر سلطانة ديار مصر، وهي امرأة ذات عقل وقوة وشجاعة وخبرة في الحكم، فكان لها تأثيرها على البلاد وشئونها وحروبها، وتدين لها البلاد بالعرفان لموقفها إبان حرب الصليبيين، لتستمر سيرة شجر الدر في أذهان الجميع إلى يومنا هذا.  

المصادر 

 رسالة المرأة في العصر المملوكي وأهم منشآتها الأثرية - الباحثة / ولاء حمدي عبد المنعم