كيف تتجنب المشاكل و العدوات قبل ان تبدأ

دليل الموضوع

هل انت دائماً على حق؟

احذر هذا الفعل

ما هو مقدار الصواب بالنسبة لك؟

هل انت دائماً على حق؟

عندما كان ثيودور روزفلت رئيساً للجمهورية اعترف بانه لو استطاع ان يكون على الحق بنسبة 75% لبلغ أعلى نجاح يمكن توقعه، اذا كان هذا هو اعلى نجاح في رأى أهم الرجال المميزين في القرن العشرين فماذا عنى وعنك؟ اذا كان بإمكانك أن تكون متأكداً من أنك على صواب في القرن العشرين فماذا عني وعنك؟

يمكنك أن تعرف أحد الرجال أنه مخطئ بمجرد نظرة أو طريقة أدائه أو إيماءه

إذا واتتك البلاغة والفصاحة وطاوعك لسانك؛ وإذا قلت له إنه مخطئ؛ فهل يوافقك؟

على الإطلاق! فإنك وجهت إلى ذكائه ووجهة نظره وكبريائه واحترامه لنفسه لطمة مباشرة وهذا سيجعله يرد إهانته بالهجوم؛ ولن يغير رأيه على الإطلاق؛ ربما حاضرته في منطق أفلاطون أو إيمانويل كانت ولكنه لن يغير من رأيه؛ لأنك جرحت كبرياءه.

احذر هذا الفعل

لا تبدأ حديثك بمثل هذه العبارات: 'سابرهن لك بكذا وكذا" إن هذا أمر يغيظ ومعناه بالضبط: "أنا أذكى منك وسألقنك درساً يغير رأيك". وهذا تحدى يثير العناد والعراك معك قبل أن تبدأ حديثك

تحت أكثر الظروف اعتدالاً يصعب تغير آراء الناس. لماذا تجعل الظروف اصعب.

ولماذا تجعل من نفسك عائقاً؟ إذا كنت تريد أن تبرهن على شيء لا تظهره  مباشرة، افعله بمهارة ولباقة حتى لا يشعر أحد أنك فعلته فلابد وأن يتعلم الرجال منك كما لو أنك لم تعلمهم؛ والأشياء المجهولة يعترض عليها لأنها من عالم النسيان.

وكما قال شتر فيلد  عندما كان ينصح ابنه: كن اكثر الناس حكمة  اذا استطعت ولكن لا تقل لهم ذلك

ما هو مقدار الثواب بالنسبة لك؟

والآن انا اتشكك في كل شيء آمنت به من عشرين سنه مضت فيما عدا جدول الضرب الذى بدأت الشك فيه عندما بدأت في القراءة لأينشتاين وفى عشرين سنه قادمة ربما لا أصدق ما قلته في هذا الكتاب؛ فلست واثقاً من شيء كما اعتدت في الماضي ولقد قال سقراط مراراً لأتباعه في أثينا: "هنالك شيء واحد فحسب هو ما أعرفه: آلا وهو أنني لا اعرف شيئاً ،و ليس بإمكاني أن أطمح أن أكون أذكى من سقراط؛ لذلك تخليت عن قولي للناس إنهم مخطئون ووجدت ذلك مثمرا هذا هوما يفعله العلماء

فلقد أجريت مقابلة شخصية مع ستيفنسون المكتشف والعالم الشهير الذي أمضى أحد عشر عاماً وراء المنطقة القطبية الشمالية والذي عاش  ست سنوات على اللحم والماء.

 لقد ذكر لي تجربة قام بها وسألته عما يريد أن يؤكده؛ ولن انسى رده: العالم يحاول أن يثبت شيئاً إنه يحاول فقط أن يجد الحقائق، أنت تريد أن تكون عالماً في تفكيرك: أليس كذلك؟ حسناً لن يوافقك أحد سواك لن ندخل في متاعب إذا اعترفنا باننا مخطئون، ذلك سيوقف كل جدال؛ ويبث في المتحدث روح العدل والتفتح وسعة الأفق؛ وهذا سيجعله يرغب في الاعتراف أنه ريما يكون مخطئاً

 ايضاً قال مستر إس وهو يروي تجربته لأحد مؤلفي الاجتماعيات 'لقد خيّم الصمت على قاعة المحكمة وبدأت درجة حرارة القاعة تنخفض؛ لقد كنت على صواب وكان القاضي مخطئاً وقلت له ذلك ولكن هل جعله ذلك ودوداّ؟ كلا مع إنني اعتقد ان القانون كان في صفى وإنني تحدثت بأفضل طريقة ولكنى لم اكن مقنعاً فقد ارتكبت خطأ فادحاً لأنى قلت لرجل مثقف ومشهور جدا انه مخطئ.

أن القليلين من الناس هما المنطقيون ومعظمنا متحاملون ومتحيزون ومعظمنا مصابون بأفة الافكار الغامضة المسبقة وبالغيرة والشك وبالخوف وبالحسد والكبرياء وكذلك معظم الناس لا يريدون تغير أفكارهم الدينية او شكل قصة شعرهم أو عن الشيوعية وهكذا فإذا كنت تميل ان تقول للناس انهم مخطئون فاقرأ هذه الفقرة كل صباح قبل الافطار وهى فقرة من كتاب البروفيسور جيمس هارفي روبنسون من كتاب صناعة العقول :-

قد نغير ما بأنفسنا وآرائنا دون مقاومة ودون انفعال ولكن متى ما أدلينا برأي وقيل لنا إننا مخطئون؛ تمسكنا به؛ ولم نتزحزح عنه قيد شعرة إن تكوين عقائدنا يبدو مدهشاً جداً. لكننا نمتلئ تعصباً ودفاعاً عنه حتى ليستعصي أن يسلبنا أحد إياه ،وذلك أننا نضعها مع كرامتنا وإحساسنا بأهميتنا في كفة واحدة .

إذا أردت التعامل مع الناس وترويض نفسك وترقية شخصيتك فلتقرأ السيرة الذاتية لبنيامين فرانكلين إحدى قصص الحياة الساخرة والتي تعتبر واحدة من روائع الأدب الكلاسيكي الأمريكي في هذه السيرة الذاتية ذكر فرانكلين كيف تغلب على عادة اللجاج في النقاش؛ وصار من أكثر الدبلوماسيين المشهورين في تاريخ أمريكا.

في أحد الأيام عندما كان بنيامين فرانكلين شاباً يتحدث بحمق؛ انتحى به صديق قديم كويكر ومنحه مؤنباً بعض الحقائق اللاذعة.

"بن" أنت شخص يصعب التعامل معه؛ إن آرائك كلها إهانات لكل من يختلف إنها من درجة تغاليها لم يعد أحد يهتم بها، أصدقاؤك يجدون متعة كبيرة عندما لا يجدونك بينهم انت تعلم كل شيء لدرجة انه لا يوجد شخص يمكن أن يقول لك أي شيء هذا كله قد يؤدي إلى عدم الراحة والعمل الشاق ومن غير المحتمل أن تعرف أكثر مما تعرفه الآن                                                                       

قال فرانكلين: ' لقد امتنعت عن كل تصادم مع رغبات الآخرين, وجعلتها قاعدة عامة لي لقد حرمت على نفسي استخدام كل كلمة أو تعبير يشعر منه بالراي الثابت؛ مثل "بالتأكيد أو دون شك.. الخ
 واخترت بدلاً منها: 'إنني أظن” و "أفهم” "اتخيل أن شيئاً يكون كذا وكذا هذا ما يبدو لي في الوقت الحالي" وعندما يؤكد لي شخص ما شيئاً أعتقد أنه خطاء فإنني أحرم نفسي متعة تكذيبه على نحو مفاجئ أو أظهر السخف في اقتراحه؛ وعند إجابتي ابدا بإعلان أنه في حالات أو ظروف معينة قد يكون رأيه صواباً, وفي الوقت الحالي يبدو لي بعض الاختلاف معه وسرعان ما اكتشفت ميزة هذا التغير في أسلوبي وقد أسفرت المحادثات التي شاركت فيها بصورة صافية فضلاً عن ذلك فإن الأسلوب المتواضع الذي كنت اقترح به آرائي كان يحظى بقبول سريع؛ وعندما أجد نفسي مخطئاً كنت أشعر بخزي أقل؛ كما أن الآخرين كانوا يتخلون دون إلحاح وبسهولة عن أخطائهم وينضمون إليّ عندما أكون محقا.

عندما شتمني رجل ولوح بقبضته في وجهي واتهمني بالجهل بطبيعة عملي؛ كنت أغلي ولكني استجمعت شجاعتي وتحكمت في نفسي وصممت على ألا أجادل؛ والا احاول تبرئة نفسي استغرق ذلك وقتاً ولكنه كان مثمراً.

 ولو أني قلت له إنه مخطئ؛ وبدأت في مناقشته؛ فقد كان من المحتمل إقامة دعوى قضائية ضدي وخسارة مالية وخسارة عميل له قيمته . نعم إنني مقتنع ان الامر لن يكون مثمرا اذا ما ذكرته للرجل انه مخطئ

 ولتأخذ مثالاً آخر آر. في. كرولي :كان يعرف أن مفتشى  الخشب المنشور غلاظ القلوب كانوا مخطئين دوماً ولقد انتصر في المناقشات وأقنعهم بأنهم مخطئون. ولكن ذلك لم يأت بنتيجة جيدة قال مستر كرولي ": مفتشو الخشب المنشور أشبه بحكام كرة البيسبول؛ ما إن يصدروا قراراً فإنهم لا يتراجعون فيه أبداً ".

رأى مستر كرولي أن الشركة تخسر آلاف الدورات من خلال المناقشات التي يفوز بها. فقرر أن يغير من طريقته ويتخلى عن المناقشات: فماذا كانت النتائج؟

إليكم قصته كما حكاها أمام أحد فصولي الدراسية: في صباح أحد الأيام رن جرس التليفون في مكتبي كان على الطرف الآخر شخص قلق يقول أن إحدى سيارات الخشب المنشور على شكل الواح والتي شحنت إلى مصنعه كانت رديئة للغاية وان شركته توقفت عن عملية التفريغ وطالبت ان نعمل على إعادة التحميل لإزالة الخشب من فناء المصنع.

 وبعد أن تم تفريغ قرابة ربع السيارة كتب مفتش الأخشاب تقريراً يفيد أن الخشب أقل بنسبة 55% من الدرجة المطلوبة وطبقاً لتلك الظروف رفضوا قبوله وعلى الفور شرعت في التوجه إلى مصنعه؛ وفي الطريق خطرت على ذهني أفضل طريقة لمعالجة الموقف وفى مثل هذه الحالات لا بد ان اكون قد تعلمت قواعد الاقناع نتيجة لتجربتي ومعلوماتي الخاصة كمفتش اخشاب واقناع المفتش الاخر بأن الخشب في الحقيقة اعلى من درجته وانه كان يسيئ تفسير القواعد في تفتيشه ومع هذا فقد قررت ان اطبق القواعد التي تعلمتها .

عندما وصلت إلى المصنع وجدت وكيل المشتريات ومفتش الخشب في حالة نفسية سيئة وهم متحفزون للنقاش والشجار سرنا إلى حيث توجد السيارة والتي كان يتم تفريغها وطلبت أن يستمروا في التفريغ حتى أتمكن من مشاهدة كيف تسير الأمور , وطلبت من المفتش أن يتقدم ويفرز القطع الجيدة في كوم مختلف وبعد مراقبته فترة بدأ يتضح لي أن تفتيشه كان صارماً جداً وأنه كان يسيئ تفسير القواعد.

 كان هذا الخشب من خشب الصنوبر الأبيض وقد كنت أعرف أن المفتش قد تلقى تعليمه وتدريبه على الأخشاب الصلدة وأنه لم يكن مفتشاً مقتدراً على فرز هذا النوع من الخشب؛ وكان خشب الصنوبر تخصصي؟ فهل اعترض على الرجل وأفهمه خطأه؟ استمرت المراقبة وبالتدرج بدأت أوجه الأسئلة حول القطع التي كانت غير مرضية ولم أحاول للحظة واحدة أن أفهم المفتش إن كان مخطئاً. وكنت أبرر

أسئلتي بأنه من أجل تقديم طلبات منضبطة من الشحنات في المستقبل لشركتهم

وجهت الأسئلة بشكل ودي وروح تعاونية مع الإصرار دوماً على أنهم محقون في إبعاد الألواح التي تفي بغرضهم وبدا المفتش في الاطمئنان إليّ؛ وتبدد التوتر والتحفظ، وواتتني ملاحظة عابرة وحذرة وهي أن بعض القطع التي تم رفضها ربما كانوا قد اشتروها من قبل وكانت جيدة وأنهم في حاجة إلى أصناف أغلى وكنت حريصاً ألا أشعره أني أستفيد من هذه النقطة

وبالتدريج تغير موقفه كلية واعتذر لي في النهاية وبدآ يسألني بعض الأسئلة عن كل قطعة خرجت من السيارة فشرحت له السبب في ان مثل هذه القطع كانت من الاصناف المحددة مع الاصرار على اننا على استعداد لردها اذا كانت غير مناسبة لغرضهم.

 وفى النهاية وصل الى الاحساس بالذنب في كل مرة كان يضع فيها قطعة بالكوم المرفوض واخيراً رأى ان الخطأ من جانبهم وكانت النتيجة النهائية انه بدا يفحص بدقة كل حمولة السيارة مرة اخرى بعد رحيلي وقبل الكمية كلها وتسلمنا شيكاً بالمبلغ كله كاملاً .

المنهج بسيط للغاية في هذه الحالة وفيه العزم عن الاحجام عن القول للرجل الاخر بانه مخطئ ووفر لشركته مائه وخمسين دولاراً نقداً الشيء بالشيء يذكر فأنني لا اقول جديدا في هذا الفصل .

لقد قال السيد المسيح منذ تسعة عشر قرن مضت  :وافق خصمك على الفو وبمعنى اخر لا تجادل عميلك أو زوجك او خصمك لا تقل له انه مخطئ لا توتره بل استعمل معه الكياسة

وقبل ان يولد السيد المسيح بألفين ومائتي عام قدم الملك اخنو العجوز ملك مصر بعض النصائح لابنه : نصائح نحن في حاجه إليها هذه الأيام إلى حد بعيد قال الملك اخنو العجوز منذ اربعة ألاف سنة

كن دبلوماسيا فهذا يساعدك للوصول لهدفك وإذا أردت ان تكسب الناس لأسلوب تفكيرك فطبق القاعدة الثانية وهى : اظهر الاحترام لآراء الشخص الاخر ولا تقل لأى احد انك مخطئ.

المصدر : كتاب كيف تكسب الأصدقاء وتؤثر في الناس