هذا هو السؤال الذي دائما ما يوجهه اكثر الملاحدة . مع انه من المشاكل الاساسية في الفلسفة . ولقد انقسمت حولها مدارس الفكر واختلفت حولها الآراء
دليل الموضوع
مشكلة فلسفية
إذا كان
الله محبة وجمالاً وخيراً فكيف يخلق الكراهية والقبح والشر؟
مشكلة
فلسفية
كيف تزعمون أن إلهكم
كامل ورحمن ورحيم وكريم ورءوف وهو قد خلق كل هذه الشرور في العالم؟ المرض
والشيخوخة والموت والزلزال والبركان والميكروب والسم والحر والزمهرير وآلام
السرطان التي لا تعفى الطفل الوليد ولا الشيخ الطاعن.
إذا كان الله محبة
وجمالاً وخيراً فكيف يخلق الكراهية والقبح والشر؟
هذا هو
السؤال الذي دائما ما يوجهه أكثر الملاحدة. مع انه من المشاكل الاساسية في الفلسفة.
ولقد انقسمت حولها مدارس الفكر واختلفت حولها الآراء
ونحن نقول: ان الله كله رحمة وكله خير. وأنه لم
يأمر بالشر ولكنه سمح به لحكمة "وَإِذَا فَعَلُوا
فَاحِشَةً قَالُوا وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا وَاللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا ۗ
قُلْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ ۖ أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا
لَا تَعْلَمُونَ (28)
قُلْ
أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ ۖ وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ
وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ ۚ كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ
(29)
فَرِيقًا هَدَىٰ وَفَرِيقًا حَقَّ
عَلَيْهِمُ الضَّلَالَةُ ۗ إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ مِن
دُونِ اللَّهِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُم مُّهْتَدُونَ
(30)
".
الله
امر بالعدل والمحبة والاحسان والعفو والخير وهو لا يرضى الا بالطيب. فلماذا ترك
الظالم يظلم والقاتل يقتل والسارق يسرق؟
لان
الله أرادنا أحراراً. والحرية اقتضت الخطأ. ولا معنى للحرية دون ان يكون لنا حق
التجربة والخطأ والصواب. والاختيار الحر بين المعصية والطاعة.
وكان
في قدرة الله ان يجعلنا جميعاً اخياراً. وذلك بان يقهرنا على الطاعة قهراً وكان
ذلك يقتضي ان يسلبنا حرية الاختيار وفي دستور الله وسنته ان الحرية مع الألم أكرم
للإنسان من العبودية مع السعادة. ولهذا تركنا نخطئ ونتألم ونتعلم. وهذه هي الحكمة
في سماحة البشر.
ومع
ذلك فإن النظر المنصف المحايد سوف يكشف لنا أن الخير في الوجود هو القاعدة. وأن
الشر هو الاستثناء فالصحة هي القاعدة والمرض استثناء. ونحن نقضى معظم سنوات عمرنا
في صحة ولا يزورنا المرض الا اياماً قليلة. وبالمثل الزلازل هي في مجملها بضع
دقائق في عمر الكرة الارضية الذي يحصى بملايين السنين ،وكذلك البراكين ،وكذلك
الحروب . هي تشنجات قصيرة في حياة الأمم بين فترات سلام طويلة ممتدة.
ثم
اننا نرى لكل شيء وجه خير، فالمرض يخلف وقاية، والألم يربى الصلابة والجلد والتحمل،
والزلازل تنفس عن الضغط المكبوت في داخل الكرة الأرضية وتحمى القشرة الارضية من
الانفجار وتعيد الجبال الي اماكنها كأحزمة وأثقال تثبت القشرة الارضية في مكانها،
والبراكين تنفث المعادن والثروات الخبيئة الباطنة، وتكسوا الأرض بتربة بركانية خصبة.
والحروب تدمج الأمم وتلاقح بينها. وتجمعها في كتل وأحلاف. ثم في عصبة امم. ثم مجلس
أمن هو بمثابة محكمة عليا للتشاكي والتصالح. واعظم الاختراعات خرجت في اثناء الحروب:
البنسلين، الذرة، الصواريخ، الطائرات النفاثة كلها خرجت من أتون الحرب، ومن سم
الثعبان يخرج الترياق، ومن الميكروب يصنع اللقاح.
ولولا
أن اجدادنا ماتوا لما كنا في مناصبنا، والشر في الكون كالظل في الصورة إذا اقتربت
منه خيل اليك انه عيب ونقص في الصورة. ولكن اذا ابتعدت ونظرت الي الصورة ككل نظرة
شاملة اكتشفت أنه ضروري ولا غنى عنه وأنه يؤدي وظيفة جمالية في البناء العام للصورة.
وهل
كان من الممكن ان نعرف الصحة لولا المرض؟.
ان
الصحة تظل تاجا على رؤوسنا لا نراه ولا نعرفه الا حينما نمرض.
وبالمثل
ما كان ممكنا ان نعرف الجمال لولا القبح. ولا الوضع الطبيعي لولا الوضع الشاذ.
ولهذا
يقول الفيلسوف ابو حامد الغزالي: ان نقص الكون هو عين كماله. مثل اعوجاج القوس هو
عين صلاحيته، ولو أنه استقام لما رمى .
والوظيفة
اخرى للمشقات والآلام انها هي التي تفرز
الناس وتكشف معادنهم .
لولا
المشقة ساد الناس كلهم ...الجود يفقر والاقدام قتال (بيت شعر)
انها
الامتحان الذي نعرف به أنفسنا. والابتلاء الذي تتحدد به مراتبنا عند الله.
ثم ان
الدنيا كلها ليست سوى فصل واحد من رواية سوف تتعدد فصولها، فالموت ليس نهاية القصة
ولكن بدايتها.
ولا
يجوز أن نحكم على مسرحية من فصل واحد ولا ان نرفض كتاباً لان الصفحة الاولى لم
تعجبنا. الحكم هنا ينقصنا
ولا
يمكن استطلاع الحكمة كلها الا في اخر المطاف.. ثم ما هو البديل الذي يتصوره السائل
الذي يسخر منا.
هل
يريد ان يعيش حياة بلا موت، بلا مرض، بلا شيخوخة، بلا نقص، بلا عجز بلا قيود، بلا احزان،
بلا آلام؟
هل
يطلب كمالاً؟
ولكن
الكمال المطلق لله وحده.
والكامل
وحده لا يتعدد.. ولماذا يتعدد؟ وماذا ينقصه ليجده في واحد غيره؟
معنى
هذا ان صاحبنا الملحد لن يرضيه الا ان يكون هو الله ذاته، وهو التطاول بعينه.
ودعونا
نسخر منه بدورنا، هو ومثاله ممن لا يعجبهم شيء.
هؤلاء
الذين يريدونها جنة. ماذا فعلوا ليستحقوها جنة؟
وماذا
قدم صاحبنا الملحد للإنسانية ليجعل من نفسه الله الواحد القدير الذي يقول للشيء كن
فيكون؟
ان
جدتي أكثر ذكاء من الملحد حينما يتقول ببساطة " خير من الله، شرا من نفوسنا
".
إنها
كلمات قليلة ولكنها تلخيص أمين للمشكلة كلها فالله ارسل الرياح واجرى النهر، ولكن
ربان السفينة الجشع ملئ سفينته بالناس والبضائع بأكثر مما تحتمل فغرقت فمضى يسب
الله والقدر .
وما
ذنب الله؟
الله أرسل
الرياح رخاء، وأجرى النهر خيراً ولكن جشع النفوس وطمعها هو الذي قلب هذا الخير
شراً
ما
اصدقها من كلمات جميلة طيبة " خيرا من الله، شرا من نفوسنا "
المصدر:كتاب حوار مع صديقي الملحد
( دكتور: مصطفى محمود )
تم اضافة الموضوع بواسطة : Beso Mustafa
التحميل بصيغة ملف Word
التحميل بصيغة ملف PDF
تقييم الموضوع
شارك الموضوع