دفن النبي صلى الله عليه وسلم الصحابي الجليل عبد الله بن عبد نهم المزني، المعروف بـ الصحابي ذي البجادين، بيده، سمي بذلك بسبب لباسه البجاد بعد أن جرده قومه من كل ما يملك عند إسلامه
دليل الموضوع:
المقدمة
من هو الصحابي الذي دفنه الرسول بيده؟
لماذا سمي ذو البجادين بهذا الاسم؟
قصة الصحابي عبدالله ذو البجادين مع الإسلام
وفاة الصحابي ذي البجادين
المصدر
المقدمة
ورد في العديد من الأحاديث أن النبي محمد صلى الله عليه وسلم كان يدعو لصحابته الكرام ويمنحهم ألقابًا تشير إلى خصالهم الحميدة، ومن بينهم كان الصحابي ذي البجادين الذي لُقب بـ"أحد الأواهين".
وهو لقب يدل على الشوق والحنين إلى الله تعالى، هذا الصحابي الجليل هو عبد الله بن عبد نهم المزني، والذي حظي بشرف كبير حينما دفنه النبي صلى الله عليه وسلم بيديه ودعا له وهو في قبره.
من هو الصحابي الذي دفنه الرسول بيده؟
كان بين الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين من عاش في الإسلام فترة قصيرة، إلا أنه بلغ في الإيمان منزلة رفيعة، وتوفي في حياة النبي صلى الله عليه وسلم.
كان شابًا في مقتبل العمر لم يتجاوز السادسة عشرة عندما أسلم وقضى حياته القصيرة، التي انتهت وهو في الثالثة والعشرين، في خدمة الإسلام.
نشأ الصحابي ذي البجادين في أحضان الرفاهية، وتوفي والداه وهو صغير فكفله عمه الذي كان من أعيان قومه.
وكان هذا الشاب يتميز بجمال هيئته وبهاء ملبسه، حيث كان يرتدي أجمل الثياب التي تستورد خصيصًا له من الشام.
وكان من مظاهر ثرائه ورفاهيته امتلاكه لفرس أصيل في وقت كان فيه معظم الشباب يكتفون بركوب البغال.
هذا الصحابي الجليل، الذي كان يعيش قبل الإسلام حياة مترفة، اختار بعد إسلامه حياة الفقر والتبتل مع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، متنازلاً عن متاع الدنيا طلباً لرضى الله.
إنه عبد الله بن عبد نهم المزني، المعروف بـ"ذو البجادين"، لما لحقه من قصة مشهورة مع البجاد.
لماذا سمي ذو البجادين بهذا الاسم؟
عندما وصل عبد الله بن عبد نهم إلى المدينة المنورة، كان اسمه عبد العزى، غير النبي صلى الله عليه وسلم اسمه إلى عبد الله، ولقبه بـ"ذو البجادين"، وذلك لأنه عندما أسلم، جرده قومه من كل ما يملك.
هرب من قومه إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وفي الطريق وجد بجادًا شقه إلى قطعتين، فلبس إحداهما ولف الأخرى حول خصره، وعندما وصل إلى النبي صلى الله عليه وسلم، سُمي بـ"ذو البجادين" نسبة إلى ذلك البجاد.
قصة الصحابي عبدالله ذو البجادين مع الإسلام
سعى الصحابي ذي البجادين جاهداً لطلب العلم الشرعي، فعندما بلغ عبد الله السادسة عشرة من عمره، كانت الهجرة النبوية بدأت، وكان الصحابة المهاجرون من مكة إلى المدينة يمرون بقبيلة مزينة، حيث كان يسكن عبد الله.
في إحدى تلك المرات، صادف أحد الصحابة المسرعين، الذين كانوا يخشون مطاردة قريش لهم، فدعاه إلى الإسلام
أسلم عبد الله فورًا، وطلب إلى الصحابي أن يعلمه شيئًا من القرآن، وافق الصحابي على طلبه، ولكنه أشار إلى عجلة الرحيل، واقترح عليه أن يلحق بهم في طريقهم إلى المدينة ليتعلم القرآن.
وهكذا، كان عبد الله يسير خلف الصحابة مسافة طويلة يحفظ القرآن الكريم، ثم يعود إلى قبيلته ليمارس ما تعلمه، ويستأنف رحلته في اليوم التالي.
بهذه العزيمة والإصرار، تمكن عبد الله من حفظ العديد من سور القرآن الكريم في وقت قصير.
وبعد أن أسلم أخفى إسلامه خوفاً من ردة فعل عمه الذي كان قد كفله ورباه، إذ كان عمه لا يميل إلى الإسلام.
في إحدى الأيام، اقترب منه أحد الصحابة المهاجرين ودعاه للانضمام إليهم في الهجرة إلى المدينة المنورة، لكن عبد الله رفض في البداية، مفضلاً انتظار إسلام عمه الذي كان رباه وكفله.
ظل عبد الله ثلاث سنوات كاملة يحاول إقناع عمه بدخول الإسلام، ولكنه كان يواجه رفضًا قاطعًا، وكان عبد الله يصلي خفية في الصحراء خشية أن يراه عمه.
وبعد ثلاث سنوات من المحاولات الفاشلة، قرر عبد الله أن يعلن إسلامه علنًا ويهاجر إلى النبي صلى الله عليه وسلم، مهما كانت العواقب.
فقال الصحابي ذي البجادين لعمه: "يا عمي، لقد انتظرت إسلامك كثيراً، ولكنك لم تفعل، فاسمح لي أن أسلم"، فغضب عمه وهدده بسلب كل ما أعطاه له.
أجاب عبد الله عمه بكل ثبات: "يا عمي، افعل ما تشاء، فإني لن أختار على الله ورسوله شيئًا".
عندها غضب عمه غضبًا شديدًا، ومزق ملابس عبد الله التي كان يرتديها، مهدداً إياه بسلب كل ما يملك إذا أصر على الهجرة.
لكن عبد الله لم يتراجع قيد أنملة، وقال لعمه بكل تصميم: "والله يا عمي، لأهاجرن إلى رسول الله مهما فعلت بي".
ولم يتراجع عبد الله عن قراره، بل سلمه كل ما يملك حتى ثيابه، وبدأ رحلته الشاقة إلى المدينة وهو شبه عارٍ يتجول في الصحراء القاحلة حتى عثر على قطعة من الصوف وهي البجاد، فشقها إلى نصفين: لف نصفها حول وسطه والآخر على كتفه، متخذًا إياهما كسوة له.
وعندما وصل إلى المدينة، دخل على النبي صلى الله عليه وسلم، فسأله النبي عن اسمه، فأخبره عبد الله باسمه، فتعجب النبي صلى الله عليه وسلم من حاله وسأله عن سبب لباسه المتواضع، فأخبره عبد الله بما حدث له من جراء إسلامه، وكيف جرده عمه من كل ما يملك، ولم يجد سوى قطعة البجاد التي وجدها في الصحراء.
فتعجب النبي صلى الله عليه وسلم من صبره وثباته، وقال له: "أوفعلت؟!" تعجبًا مما أصابه، فأجابه الصحابي ذي البجادين "نعم".
أعلن النبي صلى الله عليه وسلم تغيير اسمه، قائلًا: "من اليوم أنت عبد الله ذو البجادين، ولست عبد العزى، فقد بدلك الله عن هاذين البجادين رداءً في الجنة تلبس منه حيث تشاء".
وبعدها، نظراً لحالته المادية الصعبة، انضم عبد الله إلى أهل الصفة، وهم مجموعة من الفقراء والمهاجرين الذين كانوا يسكنون في مساكن بسيطة خلف بيت النبي صلى الله عليه وسلم.
ومنذ ذلك الحين، أصبح الصحابي ذي البجادين قريبًا من النبي صلى الله عليه وسلم، وكان يجلس في حضرته ويتعلم منه القرآن والسنة.
وفاة الصحابي ذي البجادين
شارك عبد الله في غزوة تبوك وعندما عاد المسلمون منتصرين، أصيب بحمى شديدة، وفي ليلة باردة مظلمة، سمع عبد الله بن مسعود صوت حفر خارج خيمته، فاستغرب واستيقظ ليرى ما يحدث.
خرج من خيمته فوجد النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر يحفرون قبرًا.،فذهب إليه وسأله عن سبب حفره في تلك الظلمة والبرد الشديدين.
رفع النبي صلى الله عليه وسلم وجهه الشريف إلى عبد الله بن مسعود، وعيناه تدمعان حزنًا، وقال: "مات أخوك ذو البجادين".
فتعجب عبد الله من حزن النبي صلى الله عليه وسلم الشديد على عبد الله ذي البجادين، وتوجه إلى أبي بكر وعمر، واستغرب من وقفتهما بينما النبي صلى الله عليه وسلم يحفر القبر بنفسه.
فأخبره أبو بكر أن النبي صلى الله عليه وسلم أصر على حفر قبر صاحبه بنفسه، وبعد أن انتهى النبي صلى الله عليه وسلم من الحفر، وضع جسد عبد الله ذي البجادين في القبر، ودعا له بالرحمة والمغفرة.
ثم رفع النبي صلى الله عليه وسلم يديه إلى السماء، وطلب من أبي بكر وعمر أن يضعا جسد صاحبه بلطف في القبر، معبرًا عن حبه الشديد له، وتأثر عبد الله بن مسعود كثيرًا بهذا المشهد، وتمنى لو أنه هو صاحب القبر.
رحم الله ذلك الشاب الصالح الذي فضل رضا الله على كل شيء، فترك الدنيا وما فيها من متع زائلة، واختار طريق الحق والصواب.
لقد كان نموذجًا للإيمان الصادق والعمل الصالح، فحاز على محبة الله ورسوله، وحظي بمكانة رفيعة بين المؤمنين.
وما يزيد هذا المشهد جمالًا وقيمة هو قصر مدة إسلامه التي لم تتجاوز سبع سنوات، والتي كانت كافية ليحقق فيها كل هذه الفضائل.
المصدر
مواقع إلكترونية
تم اضافة الموضوع بواسطة : Heba Aboelneel
التحميل بصيغة ملف Word
التحميل بصيغة ملف PDF
تقييم الموضوع
شارك الموضوع